أصبحت الإعلانات على الإنترنت ركنًا أساسيًا في أي موقع أيًا كان حجمه، صغيرًا أم كبيرًا، فالكل لا يسلم أبدًا من هذه المُمارسات، بل وأصبحت عملية تقييم تجربة وقابلية الاستخدام تشمل دراسة وتحليل توضّع الإعلانات داخل الموقع، بعدما كانت مثل هذه العناصر مُجرّد جزء ثانوي داخل الصفحات. الأمر لم يتوقف عند صفحات الإنترنت فقط، بل وصل إلى مقاطع الفيديو في يوتيوب، أو تطبيقات الأجهزة الذكية.
وجود مثل هذه الإعلانات لم يأتي حُبًا بإضافة عناصر إلى التطبيق، فالجميع يرغب بإبراز المحتوى على حساب أي شيء آخر، لكنه النموذج الربحي الوحيد في بعض الحالات الذي يمكن لصاحب المشروع إيجاده، فلا حملات التبرّع لاقت إقبال، ولا حتى التخفيضات على الاشتراكات الشهرية، أو الأسبوعية، أو حتى السنوية لاقت استحسان المستخدم.
ومن هنا يُمكننا القول أن الإعلانات على الإنترنت لم تنمو من جشع أصحاب المشاريع وطمعهم، بل بسبب مُمارساتنا كمستخدمين على مر السنين الطويلة، فالكثير من النماذج الربحية ظهرت، لكنها لم تُقنع المستخدم الذي أزعج وأغضب بعض الشركات، وبالتالي وجدت أن معاملته بالمثل هو أفضل شيء يمكن القيام به للحصول على النتائج المرجوة من الناحية المادية على الأقل.
لا يوجد بالنسبة للطبيعة البشرية أفضل من ما هو مجاني، فبشكل آلي نسعى للحصول على أي شيء بصورة مجانية أولًا، تطبيق للأجهزة الذكية، فيلم جديد، ألبوم موسيقي، أو حتى برنامج للحاسب، أيًا كانت التسمية النيّة تكون واحدة وهي الرغبة في الحصول على هذا الشيء مجانًا حتى لو كانت تكلفته 0.99 دولار أمريكي فقط.
مارك زوكربيرغ Mark Zuckerberg أيقن هذه الظاهرة منذ زمن طويل، واعتبر أن إجابة المستخدم سوف تكون “نعم” عند سؤاله عن رغبته في الدخول إلى شبكة اجتماعية في أي وقت وعبر أي جهاز مع إمكانية رفع ومشاركة الصور ومقاطع الفيديو، إضافة إلى مشاهدة مُحتوى على حسب التفضيلات، أي تصنيف المحتوى الموجود على الشبكة من أجل إرضاء جميع الأذواق. وما كان منه سوى أن قرر بيع بيانات المستخدمين لتوفير نموذج ربحي يضمن استمرار الموقع وتطوّره عبر السنوات المختلفة، فلو ذهب نحو توفير اشتراكات شهرية لما كنا -من وجهة نظري الشخصية- وصلنا إلى عصر الشبكات الاجتماعية بشكلها الذي نعيشه اليوم.
اضطر زوكربيرغ إلى مثل هذه المُمارسة، حاله حال الكثير من أصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة، فحتى موقع يوتيوب -الذي تقف جوجل خلفه- لم يجد أفضل من الإعلانات لتحقيق أرباح مادية عالية، وبالتالي فإن إزعاج المستخدم يبدو الحل الأمثل أمام الكثير من الشركات!
أي باختصار، ظللنا نبحث عن الحلول المجانية والتهرّب من دفع مبالغ بسيطة حتى أصبحنا ضحية للإعلانات التي لا تتوقف عن كونها مجرد مقاطع أو صور ظاهرة أمامنا، بل هي عبارة عن ممارسات تبدأ بتتبع نشاط المستخدم عبر الإنترنت لتقديم ما يناسبه من الإعلانات أو ما يقوم بالبحث عنه، وهذا بكل تأكيد انتهاك للخصوصية بشكل كبير.
مواقع مثل يوتيوب حاولت التلاعب بالمصطلحات عندما أطلقت موقع Youtube Red، فهي قالت صراحة أن الاشتراك في هذه الخدمة يعني تصفّح المحتوى دون إعلانات، لكن وللالتفاف قليلًا قررت توفير محتوى مُميّز أيضًا لجذب شريحة أوسع تتجاوز الهاربين من الإعلانات التي كنا نحن مُسبّبها الأول على الإنترنت.
لذا فالحل الأمثل عند رؤية مثلًا زر للتبرع أو دعوة لدعم شخص ما على الإنترنت هي أن نقوم بدعمه، فالبحث عن الحلول المجانية لن يجدي نفعًا أبدًا في ظل التقدم الكبير الحاصل على الإنترنت. وجميع الشركات والأفراد الذين يقومون بالإبداع حاليًا بمبالغ مقبولة شبه مجانية قد يضطروا فيما بعد لفرض مبالغ خيالية دون وجود إمكانية لقرصنة محتواهم أو الحصول على جديدهم بكل سهولة، ولعل حملة التبرّع الذي حصل عليها القائمون على خط Awesome Font 5 كانت خير مثال على أهمية دعم المشاريع التي نستفيد منها، فالمشروع حصل على أكثر من مليون دولار من قبل جميع الأشخاص الذين استفادوا منه، وهو ما سيسمح باستمرار تطويره.
طبعًا Awesome Font 5 هو مثال صغير جدًا، فلدينا مثلًا أفراد مثل ثمود Thamod الذي يُطلق بشكل دوري حلقات جديدة ضمن برنامجه للتدوين الصوتي “كلام“ والذي نستفيد منه كمستخدمين دون أن يزعجنا ثمود -حتى هذه اللحظة- بإعلانات خلال الحلقة. لكن في المستقبل ومن أجل استمرار المحتوى قد نضطر لقضاء 25٪ من الحلقة ونحن نستمع للمحتوى الإعلاني.
التدوينة الإعلانات على الإنترنت، عندما تتعمد الشركات إزعاج المستخدمين لأنهم أزعجوها على مر السنين ظهرت أولاً على عالم التقنية.
via مقالات – عالم التقنية http://ift.tt/2h2rXbD فراس اللو
0 تعليقات الايميل: